التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جريمة شرعية!


هناك فئة دائماً تحب التجرد من الإنسانية عند التعامل مع البشر، وتكره التفكير بمشاعر الطرف الأخر ، فئة تمجد الهمجية والهجوم الشامل على العدو لسبب حقيقي أو مختلق،وتحتقر العقلانية والاسلوب اللين بالمعاملة، هي جريمة لا يعاقب عليها القانون لكنها تسبب نزيف داخلي يصعب إيقافه، بل قد تقود البعض للإنتحار.

دويّ إصطدام يهز الأرجاء، سقف سيارة تدمر، شظايا زجاج متناثرة، خرج اهل المنزل فوجودا الابن الأصغر مراد ميتاً، التساؤل الأبرز الذي حير الجميع لماذا يقدم شاب لايزال في مقتبل العمر (22 عام ) على الإنتحار في هذة المرحلة من حياته؟، ربما جميع الأصدقاء والاقارب احتاروا عدا والده الذي وجد ورقة على طاولته بخط ابنه مفادها: الكل يلحق بي الضرر، ضربوني حتى لم يعد جسدي يحتمل، أرهقوني بشتى أنواع الكلمات القاسية بدون إحساس، ليس ذنبي أنني خُلقت " حساس" ، لعلمك الإكتئاب والمخدرات وانعدام احترام النفس، ولا انسى إضافتك للوحدة بقاموس كل تلك المشاكل التي أنهكتني وأجبرتني على الرحيل". لا داعي لشرح مشاعر والد مراد عندما قرأ رسالة ابنه لأنكم بالتأكيد تعلمون طبيعة شعوره الذي أتى بعد فوات الأوان للأسف.

لماذا حصل كل ذلك؟ بسبب مجموعة متنمرين كانوا يبحثون عن أي شخص للإستنقاص منه، لماذا؟ للإستمتاع وتمضية الوقت بما يجيدونه وهو سحب أكبر عدد ممكن من الأشخاص للقاع معهم، لايريدون الإرتقاء ولا إفساح المجال للأخرين لفعل ذلك بل يقفون بطريقهم بدل الإنشغال بأنفسهم، ويحاولون بشتى الطرق التقليل من الأخرين صغار أم كبار، رجال أم نساء، واسوء نوع لهذا المرض المقزز هو الذي يأتي من القريبين منك، عائلتك واقاربك والاصدقاء ولا أقصد هنا المزاح اللطيف المقبول، بل التجريح والقتل الحي المبالغ فيه الذي يُمارس كثيراً بمجتمعنا وأنا شخصياً تعرضت له ولا أذكر أخر مرة قابلت فيها شخص لم يحصل له ذلك!، التنمر آفة خطيرة تجتاحنا ولابد أن نضع لها حداً.

المشكلة أن البعض يحصر التنمر على فئة معينة وشكل معين ولكنه بالأصح يختلف، فهناك تنمر لفظي بالإساءات وما إلى ذلك وهناك تنمر جسدي بالضرب والاعتداء، وهناك تنمر إجتماعي يتمثل بالايذاء المعنوي للأشخاص ودفع الأخرين لنبذهم، والتنمر موجود بجميع الفئات، الصغير والكبير والخطر الأكبر بالطبع على الصغار وخاصة من يجد صعوبة في التواصل مع عائلته بسبب انشغالاتهم المتكررة، وهذة معضلة كبيرة لأن مهمتك ليست فقط إنجاب الأطفال بل تبدأ منذ تلك اللحظة، أتفهم أنك تريد ابنك قويا ويحل مشاكله بنفسه ولكن كيف سيتعامل مع مجموعة متنمرين لوحده؟ كيف تريده أن يبقى واثقاً بذاته وشخص قوي وذو هيبة وانت لم تؤسسه وتسانده وهو بمراحل ضعفه الأولى؟، إرمي طبيب أو جندي أو مهندس لمجال العمل بدون علم أو تدريب وانتظر منه نتائج وسأخبرك أنك مجنون. كما وضحت التنمر آفة وهو كالسرطان، ينهش المجتمع ويمزقه ببطء لذا علينا ردع هذة الظاهرة، ضع نفسك قبل الأخرين قبل التلفظ بالكلمات أو الإقدام على الإيذاء الجسدي، وتذكر أن الدنيا ستدور والبعض حساس للغاية، لايهم امرأة أم رجل فالبشر لديهم شخصيات محددة خلقها الله عز وجل فإحترم ذلك، وان سبق وتعرضت للإيذاء فأنت لست وحيداً.. اطمئن، واجه المشكلة لتتمكن من حلها.

كن قوياً من الداخل، سيحاولون إيذاءك والتقليل من إنجازاتك ولكن لاتدعهم ينجحون، عزز ثقتك بذانك، تعلّم كيف تدافع عن نفسك إذا استدعت الحاجة، وإذا كنت طفلا فهناك أب وأم تخبرهم بكافة تفاصيل يومك ولن يلهيهم شيء عن مساعدتك، وإذا حصل إلجأ لربك الكريم فوراً، ان كنت شاباً والأمر يؤرقك فأفضل نصيحة أستطيع أن أقدمها لك هي أن تغير أصدقائك، لأنه ما من صديق حقيقي يشاهدك تتأذى ولا يحرك ساكن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لازم أعرف؟

لماذا يتعامل معي البعض وكأن عليّ تعلم كل شيء؟ لماذا يجب أن أعرف حتى خفايا هضبة ( الأوزارك ) ؟ لماذا أكون الفقيه وبنفس الوقت مدير أعمال أحد الفنّانين؟ هل أنا آلة لتُسجّل بها ما ترغب به؟ الأسبوع الماضي كُنت في عجلة؛ للذهاب لاختبار تحديد مستوى بإحدى المعاهد بمدينة جدة، صادفت أخي في طريقي للخروج فسألني عن بطل كأس الملك السعودي بعام 2003 !! أجبته بسرعة بأني لا أعرف وكان رده ( فاشل ماتعرف شي اصلا ) . لا أدري أتحدث عن توقيت السؤال، أم أهميته في حياتنا، أم رده الجاهل الذي لو تلقيته قبل سنة من الآن، لدخلت بحالة تفكير عميقة ومؤذية ولخرجت عن جو الاستعداد للاختبار، كيف تربط الفشل بعدم قدرتي على الإجابة، عن سؤال لن يضيف لي شيء في حياتي؟ كيف حكمت بعدم معرفتي بأي شيء وأنا وبفضل الله وكرمه،  أعرف ماوهبني وأعمل على تطويره في كل يوم، وأعرف من العلم ماسينفعني بمجال عملي وفي حياتي اليومية، وأنت حتى مرتبك الشهري لا تحافظ عليه حتى موعد الذي يليه، والمشكلة أنك تمضي وقتك بالتشكي لا بالعمل والبحث عن حلول! من الفاشل الجاهل الأن؟ شيء غريب لاحظته مؤخرًا وهو أن البعض يريدك أن تكون عالمًا لأجله، موسوعة متنقلة يبحث

سعودي سعيد!

من نجران إلى العويقلية، من الخبر إلى جدة، من مكة إلى الجبيل، من عرعر إلى عسير، كلها موحدة تحت الراية وتكمل في هذة الليلة سنتها التسعين منذ التوحيد، ومنقسمة إلى نصفين! الأول بالأبيض، والثاني بالأخضر. هكذا هي هذة الدولة العظيمة، هكذا هي رائدة وكبرى دول الخليج والعالم العربي الإسلامي. دائمًا تجد الشعب متفرق ولديه الكثير من الأيادي الدفاعية في حال تفرق الأعداء من عدة اتجاهات وحاولوا المساس بأمن أو حتى سمعة هذة الدولة العظيمة، ودائمًا تجدهم صف واحد في حال اتخذ العدو جهة واحدة. يُلقب ملك وحاكم البلاد بخادم الحرمين الشريفين، في إشارة إلى أننا من أكبر فرد فينا إلى الأصغر خادمين لبيوت الله عز وجل، ننزلها منزلتها المستحقة، يا الله يا لعظمة المملكة! تنوع حضاراتها واختلاف ثقافاتها من أكثر مايميز هذة البلاد. الجنوب وما أدراك ما الجنوب! تجد في عسير المناخ الجميل المعتدل صيفًا، البارد جدًا شتاءً، لا تخلو من المناظر الطبيعية الخلّابة، والقصور والقرى التاريخية، ولا ننسى السودة التي تُعد الوجهة الأولى في الغالب للقادمين، مثلها مثل منطقة الباحة ويميز الأخيرة أماكن عدة: كسوق الخميس، وغابة رغدان، وقرية ذي