لماذا يتعامل معي البعض وكأن عليّ تعلم كل شيء؟ لماذا يجب أن أعرف حتى خفايا هضبة ( الأوزارك ) ؟ لماذا أكون الفقيه وبنفس الوقت مدير أعمال أحد الفنّانين؟ هل أنا آلة لتُسجّل بها ما ترغب به؟ الأسبوع الماضي كُنت في عجلة؛ للذهاب لاختبار تحديد مستوى بإحدى المعاهد بمدينة جدة، صادفت أخي في طريقي للخروج فسألني عن بطل كأس الملك السعودي بعام 2003 !! أجبته بسرعة بأني لا أعرف وكان رده ( فاشل ماتعرف شي اصلا ) .
لا أدري أتحدث عن توقيت السؤال، أم أهميته في حياتنا، أم رده الجاهل الذي لو تلقيته قبل سنة من الآن، لدخلت بحالة تفكير عميقة ومؤذية ولخرجت عن جو الاستعداد للاختبار، كيف تربط الفشل بعدم قدرتي على الإجابة، عن سؤال لن يضيف لي شيء في حياتي؟ كيف حكمت بعدم معرفتي بأي شيء وأنا وبفضل الله وكرمه، أعرف ماوهبني وأعمل على تطويره في كل يوم، وأعرف من العلم ماسينفعني بمجال عملي وفي حياتي اليومية، وأنت حتى مرتبك الشهري لا تحافظ عليه حتى موعد الذي يليه، والمشكلة أنك تمضي وقتك بالتشكي لا بالعمل والبحث عن حلول! من الفاشل الجاهل الأن؟
شيء غريب لاحظته مؤخرًا وهو أن البعض يريدك أن تكون عالمًا لأجله، موسوعة متنقلة يبحث فيها عما يشاء متى ما يشاء! والمشكلة أن تكون خائف من مواجهة الكلام السلبي بحالة رفضك، أو بحاجة للذة إنجاز ولو بسيطة؛ فتقوم بالبحث عن الأجوبة من أجله، ومساعدته حتى بما يفوق قدراتك ليعطيك كلمة جميلة أو تحفيزية! ربك لم يعطيك النفس لتُرهقها هكذا، أي نعم ساعد ولكن بِقدر، فأحيانًا من الأفضل أن تتظاهر بالجهل أو بتوجيه الشخص مباشرة بالبحث. لست بحاجة لكلام وإحتضان أحد إن كان سيأتي بمقابل دائمًا، تعلّم أن تبحث عن مجموعتك الخاصّة، مجموعتك الصغيرة التي قد لا يعرف أفرادها بعضهم، المهم أن يحتضنوك بكلماتهم المحفزة ويدفعوك للأمام، هؤلاء من يستحقون أن تتعب وتعطيهم من وقتك الكثير. كيف تجدهم؟ لا أملك طريقة محددة لكن ابحث بكل مكان تحب الذهاب إليه، مؤتمرات عن مواضيع تجذبك، دورات، عمل مؤقت، ابحث وستجد صدقني.
ولكن قبل أن تنشغل بالبحث عليك أن تعرف من أنت، وماذا تريد، وما يميزك؟ فلا صديق، ولا أخ أو أخت، ولا أم ولا أب، لا يعرفك أحد كما تعرف نفسك، لن يعمل أحد لكي تُحقق حلم حياتك، لن تستيقظ من النوم لتجد ( البي ام دبليو ) التي لطالما حلمت بها أمام منزلك، لابد أن تعرف قدراتك ومواهبك لتعمل عليها؛ لتستمتع وتأخذ مقابلها ما يغنيك عن السؤال، ويُشبع رغبتك بتحقيق أحلامك، ويفتح لك أحلام جديدة لتلاحقها، وتتلذذ بتحقيقها أيضًا، هنا يكمن جوهر الحياة من وجهة نظري، قيّم نفسك، اكتشف المكان المناسب لك والذي ترغب به، ثم اذهب لتجد مجموعة الأمل خاصتك، اذهب واستمتع وتعلم، اعمل وانجز وتقدم، عِش بعيدًا عن الكسل والإرتياح، وحاول دائمًا أن تمضي نحو النجاح، النجاح الخاص بك لا بغيرك.
انت لست رجل خارق، لا يجب عليك فعل كل شيء، ولا تعلُّم كل شيء، أي نعم المعرفة الواسعة جميلة ولكن هناك خلط بين لابد أن تعرف ، وجميل أن تعرف، على مُدّعي الثقافة والمعرفة بكل شيء أن يفهم جيدًا تلك الصفحة المنسية أخر الكتاب، تلك القاعدة الوحيدة التي ينساها حتى الأول على الصف، جميعنا كبشر اخترنا الدخول لإختبار الحياة، وعليه فالجميع له الحرية في عيش حياته، للجميع الحق في اختيار مستوى التعليم الدراسي الذي يريد أن يتوقف عنده، نعم الدراسي فقط لأن التعليم يستمر مدى الحياة، للجميع الحق في اختيار مستوى المعيشة الذي يريده فعلا وليس ما يحلم فيه قبل النوم، لك النظرة والحُكم برغبتك، ولي العيش برغبتي فلم أُخلَق لك.
تعليقات
إرسال تعليق