التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وفرة لا تتمناها !



الكثرة دائمًا ماتكون مصدر للراحة والبهجة لدى الأغلبية، على سبيل المثال الكثرة بالأطعمة والمشروبات؛ وذلك لتغذية البصر بالمقام الأول، بغض النظر عن الفائض وكيف سيتم التعامل معه، أو الوفرة بأصفار الحسابات البنكية سواء بطرق مشروعة أو غير ذلك، بإدخار وإستثمار للمستقبل، أو مجرد تكديس خوفًا من الفقر، وهناك من هو مجنون بكثرة المقتنيات من ملابس وعطورات وسيارات والخ.

أذكرها جيدًا وكأنها بالأمس، أذكر تلك الحلقة الممتعة من البودكاست المتميز عقل غير هادئ والتي جاءت بوقت حساس بالنسبة لي، فترة كنت قد أضفت فيها للتو مفهوم العلاقات الضعيفة وقوتها لقاموسي، كنت أحاول تكوين أكبر قدر ممكن من العلاقات ؛ للحصول على أكبر قدر ممكن من الفائدة، سواء بالأخذ أو بالعطاء. في نقطة محددة عبر مبارك عن كثرة العلاقات المقربة وكيف أنها سامة تشغلنا عن ذاتنا وتجعلنا أضعف، خاصة اذا كنت لاتعرف كيف تتعامل مع أصدقاءك وتتجنب من يؤذيك نفسيا. حتى العلاقات الكثيرة قد تكون قنبلة موقوتة اذا لم تكتشف ذاتك وتعرف كيف تتعامل مع مختلف الشخصيات.انتبهت جيدا بعد تلك الحلقة على وضع حدود بيني وبين الأشخاص وهو ما أبرع فيه أساسًا.

الوفرة ليست دائمًا محمودة ومرغوبة، فهناك وفرة قد توقعك بكفر النعمة، وكثرة قد تُدخلك بدوامة الديون، وهناك خيارات صعبة ومصيرية عندما تكون متعددة، تبعاتها قد تلاحقك طوال حياتك إذا اخطأت بالإختيار. تخصصك الجامعي، شريكة حياتك، اجتهادك وعملك بشبابك، في كل ماسبق انت مخير تماما، انت المسؤول الأول والأخير عن تخصصك الذي ستدرسه بالمرحلة الجامعية؛ لأنك أكثر معرفة بذاتك من أي كائن حي على وجه الأرض، خذ وقتك واقرأ جيدا وارسم صورة مستقبلية تتطلع لها، ثم ابدأ بالعمل بجد للوصول لها بِدأ بإختيار التخصص المناسب والذي ترغب به وليس مايختاره أصدقاءك. كذلك شريكة حياتك ونصفك الأخر أنت من ستعيش وتقضي حياتك معها لذا اخترها بعناية؛ كي لا تعيش حياة مليئة بالاختلافات والمشكلات التي تؤدي للإنفصال. عملك بمرحلة الشباب وتطورك على كافة الأصعدة مهم جدا، فأنت بأقوى مراحل حياتك وأكثرها حيوية، لاتهدرها باللهو وتمضية الوقت بدون فائدة تذكر.

لابد أن توزن معادلة قوتك المنطقية والعاطفية، فالعاطفة قد تؤثر عليك بشكل كبير خصوصا اذا كنت من أصحاب الشخصية الحسّاسة: لأنك ستتجه دومًا للتفكير بالمشاعر وتضع نفسك مكان الأخرين وقد تقدمهم على ذاتك وهذا خطأ كبير، الشخصية الحسّاسة جميلة جدا وصاحبها يكاد يكون أجمل الشخصيات البشرية ولكن لابد أن تقدر نفسك وتضعها أولا. حاول دائمًا أن تفكر جيدا قبل أن تتخذ قراراتك، فكر بمنطقية خاصة وان كان الموضوع يؤثر على حياتك بالسنوات القادمة.

كن واعي، لا تتشتت وتقلق بكثرة الاختيارات وتضيع خلالها، فنّد وادرس تبعات كل خيار مصيري جيدًا، اسأل وشاور أصحاب التجارب والخبرات ومن تثق بهم، اجلس مع ذاتك واستمع لصوتك الداخلي إذا كان الأمر عاطفي، انصت لعقلك ولصوت المنطق في حال كان الخيار يتطلب ذلك، والأهم من كل ذلك ادعي ربك العظيم بأن يساندك على الإختيار فوالله لن يخذلك.

يمكنك الإستماع لحلقة البودكاست المذكورة بالضغط هنا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لازم أعرف؟

لماذا يتعامل معي البعض وكأن عليّ تعلم كل شيء؟ لماذا يجب أن أعرف حتى خفايا هضبة ( الأوزارك ) ؟ لماذا أكون الفقيه وبنفس الوقت مدير أعمال أحد الفنّانين؟ هل أنا آلة لتُسجّل بها ما ترغب به؟ الأسبوع الماضي كُنت في عجلة؛ للذهاب لاختبار تحديد مستوى بإحدى المعاهد بمدينة جدة، صادفت أخي في طريقي للخروج فسألني عن بطل كأس الملك السعودي بعام 2003 !! أجبته بسرعة بأني لا أعرف وكان رده ( فاشل ماتعرف شي اصلا ) . لا أدري أتحدث عن توقيت السؤال، أم أهميته في حياتنا، أم رده الجاهل الذي لو تلقيته قبل سنة من الآن، لدخلت بحالة تفكير عميقة ومؤذية ولخرجت عن جو الاستعداد للاختبار، كيف تربط الفشل بعدم قدرتي على الإجابة، عن سؤال لن يضيف لي شيء في حياتي؟ كيف حكمت بعدم معرفتي بأي شيء وأنا وبفضل الله وكرمه،  أعرف ماوهبني وأعمل على تطويره في كل يوم، وأعرف من العلم ماسينفعني بمجال عملي وفي حياتي اليومية، وأنت حتى مرتبك الشهري لا تحافظ عليه حتى موعد الذي يليه، والمشكلة أنك تمضي وقتك بالتشكي لا بالعمل والبحث عن حلول! من الفاشل الجاهل الأن؟ شيء غريب لاحظته مؤخرًا وهو أن البعض يريدك أن تكون عالمًا لأجله، موسوعة متنقلة يبحث

سعودي سعيد!

من نجران إلى العويقلية، من الخبر إلى جدة، من مكة إلى الجبيل، من عرعر إلى عسير، كلها موحدة تحت الراية وتكمل في هذة الليلة سنتها التسعين منذ التوحيد، ومنقسمة إلى نصفين! الأول بالأبيض، والثاني بالأخضر. هكذا هي هذة الدولة العظيمة، هكذا هي رائدة وكبرى دول الخليج والعالم العربي الإسلامي. دائمًا تجد الشعب متفرق ولديه الكثير من الأيادي الدفاعية في حال تفرق الأعداء من عدة اتجاهات وحاولوا المساس بأمن أو حتى سمعة هذة الدولة العظيمة، ودائمًا تجدهم صف واحد في حال اتخذ العدو جهة واحدة. يُلقب ملك وحاكم البلاد بخادم الحرمين الشريفين، في إشارة إلى أننا من أكبر فرد فينا إلى الأصغر خادمين لبيوت الله عز وجل، ننزلها منزلتها المستحقة، يا الله يا لعظمة المملكة! تنوع حضاراتها واختلاف ثقافاتها من أكثر مايميز هذة البلاد. الجنوب وما أدراك ما الجنوب! تجد في عسير المناخ الجميل المعتدل صيفًا، البارد جدًا شتاءً، لا تخلو من المناظر الطبيعية الخلّابة، والقصور والقرى التاريخية، ولا ننسى السودة التي تُعد الوجهة الأولى في الغالب للقادمين، مثلها مثل منطقة الباحة ويميز الأخيرة أماكن عدة: كسوق الخميس، وغابة رغدان، وقرية ذي

جريمة شرعية!

هناك فئة دائماً تحب التجرد من الإنسانية عند التعامل مع البشر، وتكره التفكير بمشاعر الطرف الأخر ، فئة تمجد الهمجية والهجوم الشامل على العدو لسبب حقيقي أو مختلق،وتحتقر العقلانية والاسلوب اللين بالمعاملة، هي جريمة لا يعاقب عليها القانون لكنها تسبب نزيف داخلي يصعب إيقافه، بل قد تقود البعض للإنتحار. دويّ إصطدام يهز الأرجاء، سقف سيارة تدمر، شظايا زجاج متناثرة، خرج اهل المنزل فوجودا الابن الأصغر مراد ميتاً، التساؤل الأبرز الذي حير الجميع لماذا يقدم شاب لايزال في مقتبل العمر (22 عام ) على الإنتحار في هذة المرحلة من حياته؟، ربما جميع الأصدقاء والاقارب احتاروا عدا والده الذي وجد ورقة على طاولته بخط ابنه مفادها: الكل يلحق بي الضرر، ضربوني حتى لم يعد جسدي يحتمل، أرهقوني بشتى أنواع الكلمات القاسية بدون إحساس، ليس ذنبي أنني خُلقت " حساس" ، لعلمك الإكتئاب والمخدرات وانعدام احترام النفس، ولا انسى إضافتك للوحدة بقاموس كل تلك المشاكل التي أنهكتني وأجبرتني على الرحيل". لا داعي لشرح مشاعر والد مراد عندما قرأ رسالة ابنه لأنكم بالتأكيد تعلمون طبيعة شعوره الذي أتى بعد فوات الأوان للأ