التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشاعر وهمية !




لم يكن عليّ فعلها، لم أكن بحاجة للإنعطاف في تلك اللحظة من حياتي. كانت فترة صعبة للغاية، فترة مصيرية جدًا ومفترق طرق جميعها تبدو رئيسية ومبشرة بكل ماهو جميل ومشرق، ولكني ومع الأسف اخترت ما لا يناسبني. اختياري في تلك اللحظة كان أشبه بأن تمتلك موهبة الكتابة وتذهب لأن تكون ممثل، دون أن تصقل موهبتك وقدراتك التي وهبك إياها الرحمن وتسخرها بما يخرجها في أفضل وأبهى صورة. لماذا؟ مالذي دفعني؟ ؛ ببساطة الخوف.

الخوف هو شعور بالخطر غالبًا ينتج من توقع الإنسان لشيء سلبي، يمكن حدوثه في حياة أي شخص تقريبًا. و لابد أن تضع تحت كلمة غالبًا مليار خط؛ لأن الخوف ربما يكون إيجابيًا في بعض الأحيان كالخوف من الله عز وجل، وهو ماسيدفعك للخوف من معصيته وإجتناب ما نهاك عنه، كالخوف من الموت الذي سيداهمك في أي لحظة من حياتك دون علمك وهذا ماسيدفعك لطاعة ربك ومحاولة الرجوع إليه في كل مرة تذنب فيها؛ طلبًا وطمعًا برحمة الرحمن الرحيم. 

المشكلة الكبرى تكمن في سلبيات الخوف القاتلة، نعم قاتلة؛ لأن الخوف والقلق في حال ازداد عن وضعه الطبيعي قد يعيقك عن أمور كثيرة في حياتك والأدهى والأمر أنه قد يسلب منك عافيتك!، فكثرة الخوف والقلق قد تعرضك لعدة أمراض عقلية وجسدية مثل مشاكل الجهاز الهضمي والوسواس القهري. الخوف قد يجعلك تفوّت على نفسك فرص كثيرة في حياتك، كعدم حصولك على المعلومة الكاملة في الصف الدراسي لخوفك من ان تظهر بشكل سيء أمام زملاءك أو لتجنب وقوع الأنظار عليك أو لأي سبب، الخوف قد يفوّت عليك دورة تدريبية تحتاجها بشدة؛ لتعلم مهارة قد تفيدك مستقبلا، أو مؤتمر عن مجال أنت مهتم به. فعلاً الخوف يقوقعك بمكان صغير جدًا، ويستمر بإيهامك وإلقاء أفكار وأخطار ممكنة وغير ممكنة عليك؛ فقط لمنعك من الخروج من دائرتك المريحة، دائرة تمنعك من التجربة والخطأ والتعلم وتبقيك أسير لخزي وحرج غير موجود من الأساس سوى بعقلك، غير موجود سوى بعقل من يحاصره الخوف من كل اتجاه.

لا تستسلم لأي فكرة يُخيّلها لك عقلك الباطن، كن أنت المتحكم الأول وحاول إعطاء نفسك فرصة بأن تكون جيدًا. ديننا الإسلامي لم يحثنا على حسن الظن عبثًا ياصديقي، دائمًا حاول أن تتوقع وتتصور الأفضل والأجمل مهما كانت الظروف. ادعي واطلب عون الله على تخطي مايستصعب عليك. فهو معنا بكل وقت وحين سبحانه، وهو القائل ادعوني استجب لكم. يمكنك أيضًا معالجة نفسك بنفسك!، اعرف المشكلة وواجهها، حاول أن تمارس ما تخاف منه حتى تعتاد عليه وتمر بأغلب ظروفه بدلاً من الهرب منها، على سبيل المثال ببداية تعلمك لقيادة السيارة ستواجه مشكلة وستخاف كثيرًا عند القيادة بالخطوط السريعة المزدحمة، سيكون عليك التأقلم والقيادة بطرق تعرفها ولا تكتض بالسيارات حتى تعتاد وتأخذ حقك بالممارسة قبل الإنتقال للخطوة الأكبر. 

دفعني الخوف من المستقبل والحالة المادية التي ربما أكون عليها لدخول تخصص جامعي لا يناسبني ولا أميل له، فقط لأنه سيضمن لي راتب عالي وهذا خطأ كبير كلفني سنوات من عمري؛ لأنني لم أفكر في سنوات الدراسة وكيف سأتجاوز العقبات التي تتطلب جهد عظيم وتعب شديد لن يحتمله إلا من كان يحب طبيعة مايدرس وطبيعة العمل الذي سيكون عليه بعد سنين، بل فكرت في رفاهية مستقبلية دون النظر لكامل الطريق، حرفيًا كنت كمن يمشي بطريق مظلم وهو لا يرى جيدًا في الظلام. ولكن ها أنا ذا، عرفت ما يناسبني وهممت بإختياره كتخصص دراسي، وأمارس موهبتي بسعادة وراحة تامة. لا تجعل الخوف يوقفك ابدًا، اختيار خاطيء تسرعت وأقدمت عليه، أو أمر تخاف من حدوثه لك لابد أن تواجهه، لا تسمح له بالتفاقم والتطور لأكثر من ثواني قليلة، الحياة قصيرة جدًا لا تسمح لأفكار ومشاعر مزيفة أن تأخذها منك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لازم أعرف؟

لماذا يتعامل معي البعض وكأن عليّ تعلم كل شيء؟ لماذا يجب أن أعرف حتى خفايا هضبة ( الأوزارك ) ؟ لماذا أكون الفقيه وبنفس الوقت مدير أعمال أحد الفنّانين؟ هل أنا آلة لتُسجّل بها ما ترغب به؟ الأسبوع الماضي كُنت في عجلة؛ للذهاب لاختبار تحديد مستوى بإحدى المعاهد بمدينة جدة، صادفت أخي في طريقي للخروج فسألني عن بطل كأس الملك السعودي بعام 2003 !! أجبته بسرعة بأني لا أعرف وكان رده ( فاشل ماتعرف شي اصلا ) . لا أدري أتحدث عن توقيت السؤال، أم أهميته في حياتنا، أم رده الجاهل الذي لو تلقيته قبل سنة من الآن، لدخلت بحالة تفكير عميقة ومؤذية ولخرجت عن جو الاستعداد للاختبار، كيف تربط الفشل بعدم قدرتي على الإجابة، عن سؤال لن يضيف لي شيء في حياتي؟ كيف حكمت بعدم معرفتي بأي شيء وأنا وبفضل الله وكرمه،  أعرف ماوهبني وأعمل على تطويره في كل يوم، وأعرف من العلم ماسينفعني بمجال عملي وفي حياتي اليومية، وأنت حتى مرتبك الشهري لا تحافظ عليه حتى موعد الذي يليه، والمشكلة أنك تمضي وقتك بالتشكي لا بالعمل والبحث عن حلول! من الفاشل الجاهل الأن؟ شيء غريب لاحظته مؤخرًا وهو أن البعض يريدك أن تكون عالمًا لأجله، موسوعة متنقلة يبحث

سعودي سعيد!

من نجران إلى العويقلية، من الخبر إلى جدة، من مكة إلى الجبيل، من عرعر إلى عسير، كلها موحدة تحت الراية وتكمل في هذة الليلة سنتها التسعين منذ التوحيد، ومنقسمة إلى نصفين! الأول بالأبيض، والثاني بالأخضر. هكذا هي هذة الدولة العظيمة، هكذا هي رائدة وكبرى دول الخليج والعالم العربي الإسلامي. دائمًا تجد الشعب متفرق ولديه الكثير من الأيادي الدفاعية في حال تفرق الأعداء من عدة اتجاهات وحاولوا المساس بأمن أو حتى سمعة هذة الدولة العظيمة، ودائمًا تجدهم صف واحد في حال اتخذ العدو جهة واحدة. يُلقب ملك وحاكم البلاد بخادم الحرمين الشريفين، في إشارة إلى أننا من أكبر فرد فينا إلى الأصغر خادمين لبيوت الله عز وجل، ننزلها منزلتها المستحقة، يا الله يا لعظمة المملكة! تنوع حضاراتها واختلاف ثقافاتها من أكثر مايميز هذة البلاد. الجنوب وما أدراك ما الجنوب! تجد في عسير المناخ الجميل المعتدل صيفًا، البارد جدًا شتاءً، لا تخلو من المناظر الطبيعية الخلّابة، والقصور والقرى التاريخية، ولا ننسى السودة التي تُعد الوجهة الأولى في الغالب للقادمين، مثلها مثل منطقة الباحة ويميز الأخيرة أماكن عدة: كسوق الخميس، وغابة رغدان، وقرية ذي

جريمة شرعية!

هناك فئة دائماً تحب التجرد من الإنسانية عند التعامل مع البشر، وتكره التفكير بمشاعر الطرف الأخر ، فئة تمجد الهمجية والهجوم الشامل على العدو لسبب حقيقي أو مختلق،وتحتقر العقلانية والاسلوب اللين بالمعاملة، هي جريمة لا يعاقب عليها القانون لكنها تسبب نزيف داخلي يصعب إيقافه، بل قد تقود البعض للإنتحار. دويّ إصطدام يهز الأرجاء، سقف سيارة تدمر، شظايا زجاج متناثرة، خرج اهل المنزل فوجودا الابن الأصغر مراد ميتاً، التساؤل الأبرز الذي حير الجميع لماذا يقدم شاب لايزال في مقتبل العمر (22 عام ) على الإنتحار في هذة المرحلة من حياته؟، ربما جميع الأصدقاء والاقارب احتاروا عدا والده الذي وجد ورقة على طاولته بخط ابنه مفادها: الكل يلحق بي الضرر، ضربوني حتى لم يعد جسدي يحتمل، أرهقوني بشتى أنواع الكلمات القاسية بدون إحساس، ليس ذنبي أنني خُلقت " حساس" ، لعلمك الإكتئاب والمخدرات وانعدام احترام النفس، ولا انسى إضافتك للوحدة بقاموس كل تلك المشاكل التي أنهكتني وأجبرتني على الرحيل". لا داعي لشرح مشاعر والد مراد عندما قرأ رسالة ابنه لأنكم بالتأكيد تعلمون طبيعة شعوره الذي أتى بعد فوات الأوان للأ