حدة في النظرات، ترقب شديد، نبضات القلوب تتزايد، هكذا كان حالنا خارج غرفة العمليات؛ بإنتظار نتائج عملية تبرع والدتي بالكلية لأختي المصابة بالفشل الكلوي. اه كم كان قاسيًا ذلك اليوم، كم كان مُقلقًا، كم كان مثيرًا للأفكار، تارة تتفاءل وتقول كل شيء سيسير على مايرام، وتارة تتشاءم وتتذكر حال أختك المأساوي، اه كم كان صعبًا جدًا ذلك اليوم.
لقد كان يوم حافل بالفعل، بل كانت محادثة خرافية مع أحد الأصدقاء المقربين، صديقي أحمد الجميل جدًا بأسلوبه في الحوار، تلك الكلمات الممتعة التي كانت تخرج من بين شفتيه بكل محادثة كأغنية ملحنة بأيدي سهم! كان يجيد فعلا المواساة بالكلمات، يعرف ماذا يثقل على كاهلك ويشغل قلبك وعقلك، ثم يلبس البالطو ويختار لك الدواء المناسب لإزالة كل مابداخلك. يعرف جيدًا من هو العدو ثم يأخذ السلاح ويبادر بمهاجمته بضراوة دفاعًا عنك. بالله عليك كيف سيكون شعورك لو كان هذا الشخص جزء من حياتك؟ توقف لدقائق وفكّر جيدًا، صدقني لن تسعك الدنيا من السعادة بمجرد خيالك.
هل تعلم ماهو الجميل في هذا الصديق؟ أنه متواجد بكل مكان! نعم بكل مكان ومع كل شخص وهو معك بالفعل الأن، ولكن للأسف يختار البعض أن يُطفيء تأثيره كليًا، يختار البعض وبغرابة أن يكون رسميًا بغالبية حواراته، عفوًا جاف، شحيح الكلمات اللطيفة، حتى الابتسامة التي وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام بالصدقة يستكثرها احيانًا! وكل ذلك بحجة كونه لايريد أن يكون ساذج أو خفيف! أعتذر بحال كنت قاسيًا في الوصف ولكن تستفزني فعلا هذة الفئة التي لا تنفك ابدًا عن زيادة الطين بلة، حتى حينما يحتاج البعض لكلمة تُحسن من مزاجه بعد خطأ ارتكبه تجدهم يلقون اللوم عليه! لم أتحدث إليك إلا وانا أعلم ما فعلت ومُدرك لخطيئتي، أعرف ان كلامك لن يغير ما مضى ولكنه قد يغير ماهو آتي!
لابد أن نطلق العنان لأحمد الذي بداخلنا جميعًا، لابد أن نُحسن معاملة من حولنا ونتلطف معهم في الغالب، الحياة قاسية بما فيه الكفاية فلماذا لا نداوي بعضنا؟ أثر الكلام اللطيف على النفس كبير وكبير جدًا، لا أعتقد أن كلمات أو ألقاب لطيفة، تغير الكثير في نفس صديقك، أو صديقتك، أخوك أو أختك، زوجك، أو زوجتك، مديرك أو حتى عمّال النظافة ستنقص من قدرك أو تجعلك ( خفيف )، على النقيض سترفعك درجات وتجعلك محبوبًا بين الناس. أيضًا الأفعال الطيبة لها أثرها في النفس مهما كانت خفيفة، أن تتذكر صديقك بقطعة شوكلاتة، أو كوب قهوة في حال كنت ذاهب لمقابلته، هدية بسيطة بلا مناسبة لأحد أفراد عائلتك، أثرها عظيم جدًا ولا يوصف. وقبل كل شيء عليك أن تتذكر أن الدين الاسلامي يحثنا على الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، فأنت بذلك تؤجر وتسعد من حولك، مما سيعود عليك بالراحة والسعادة، لا أعتقد أن أحدًا يريد التفريط بهكذا مكسب.
حسنًا لقد استرسلت كثيرًا، نعود الأن للمحادثة الدرامية! يقول أحمد: بينما كنا ننتظر النتائج بقلق، بفكرة هنا وهناك، خرج الطبيب مبشرنا ولله الحمد بنجاح العملية الجراحية وسلامة كل من أمي واختي. وبعد فترة أظهر جسد اختي ولله الحمد تقبله للكلية واستمر وضعها في التحسن يوم تلو الأخر.
تعليقات
إرسال تعليق